الثلاثاء، 26 أغسطس 2008

رجلا فقد ظله


يطل من النافذه وعيناه حائرتان لا ينظر إلى شئ محدد ثم يلتفت ناحية الساعه فالوقت يمر وهو يشعر أنه لم يجهز أي شئ فأشياءه مازالت مبعثره هنا وهناك ..يرتسم القلق على جبينه...فيدرك أنه مازال يعشقها يفكر فيها لبضع ثواني..ثم يتراجع عن التفكير فالوقت يمر بشكل سريع عندما يتذكر بسمتها له في أول مقابلة قصيره يتذكر لحظة صعوده مركبة النقل الجماعي رخيصة السعر فهو بالكاد لم يكن يمتلك نقود كافيه حتى يهاودها فيما كانت تحبذ له وقتها خاف من ان تشك في انه رجلا غير سخي فيسأل نفسه لما لم اقل لها أني قد نسيت المحفظه بأسرها.؟؟!!

.بسمع ضجيج الترام فيسرع إلى الباب غير منتبه بتركه لسلسلة مفاتيحه على مقعده الذي يجاور النافذه يبحث عن سايس الجراج فيدرك أنه يلزم على الاقل خمسة عشر دقائق لحين خروجها لاينتبه كثيرا لكلام السايس فيوقف هذا التاكسي الذي لا يلبث ما إن رءاه حتى يتقدم بمحاذاته مناديا"تاكسي ياباشا"

يستقل التاكسي وينظر إلى الساعه فقد أشارت الى تأخره عن موعده السابق لأكثر من عشرة دقائق .. سائق التاكسي يلاحظ قلقه فيسأله سأتخذ طريقا أقصر فمارأيك يابيه..فيرد قائلا: زي ما أنت شايف يا أسطى..السائق يحاول التحدث حتى يخرج السيد القلوق مافي جعبته ولكنه مازال غارقا في بحرها الهادئ الثوري يتذكر صوتها الهامس كلماتها القليله ابتسسامتها الخجوله انطلاقها نحو ماتريد في محاوله لامساك يده كأنه طفلا تائها..يعاود النظر إلى الشوارع فالطريق متعثر كعادته
على اليمين مخبز يقف امامه المئات وعلى اليسار مجموعه من الباعه الجائلون البلد لا تتغير كثيرا هي كما هي وهذا هو سر الإشتياق إليها تقريبا
ينظر في الساعه تأخرت تأخرت بربي ماذا أفعل...ألا يوجد اي مفر من هذه الزحمه ياسطى..فقد قالها وهو في حالة عدم تركيز والعرق يكاد يتصبب على جبهته
يتبعه السائق هاحاول ياباشا لاتقلق خمس دقايق ونوصل...."كانوا بيقولوا هانعمل نفق جوي علشان المرور بردو فوق مابقاش بالساهل وكل اللي معاه فلوس جاب بيها طياره وطيرها كإن البلد ناقصه كمان طيران " انظر الى السائق باهتمام ..هم يبكي وهم يضحك.. وده ياريس هايصممموا فين...فيرد السائق مش عارف ساعتك .. بس احنا محتاجين نفقين في منطقة عرابي وسعد زغلول..انت عارف ان المنطقتين مهمين من ايام الثوره..اه عندك حق ياريس.. وانا شايف ان الطوابير دي هي بداية الثوره....هي مش الحكومه كانت مانعه التجمعات لأكثر من خمسة أشخاص..هو ايه اللي حصل بقى...شايف طوابير في كل حته دي أطول من ترام 10 ..الله يحظك ياباشا..ويبدأ الاثنان في التعرف على مافي جعبت الاخر حتى تتوقف السياره ...
ماذا حدث ولما توقفت..فيرد السائق احنا وصلنا خلاص ياباشا ..فيرد فعلا هو ده العنوان..ايوه ياباش انت بتشك في صدقي عموما ده موبيلي اهو وعلشان ماتقولش نسيت هاسجلهولك وارن عليا ..ايوا خلاص كده..ماشي ياريش تفضل
ثم يدخل يده في جيبه ويعطه بعض النقود..تنصرف السياره ويتوقف قليلا محاولا استنشاق هواء المكان..يلمح سوبر ماركت ضخم يقترب منه ناظرا لاي مشروبات فالجو حار وهو لم يتعرض لمثل هذا الجو منذ اكثر من عام..يأخذ الزجاجه ويعبر بوابة المكان يوقفه الحارس ..هل انت من أعضاء هذا المكان ياأستاذ..؟؟.. فيرد لا انا اتيت لانهي بعض الأعمال لشخص يقربلي..اذن اسرع ببطاقتك او اي بطاقه تحمل عليها تفاصيلك فلايسمح بدخول هذا المكان الا للاعضاء فقط..

فيبحث في المحفظه عن اية بطاقه لاتهمه وهو يتمتم ببعض الكلمات انتم كما انتم ايها الحراس لا تفطنوا ابدا لأي شئ ..ينطلق الى المكان الذي جمعه بها ويجلس على نفس المقعده التي حمد الله انه وجدها كما هي لم تتغير..ينظر الى السلالم المقابله له فدرجه درجه يتذكر خطواته يعاود النظر الى مبنى مجاور وقفوا امامه يستهجون حروفه فهو مبنى قديم يتقدمه باب اثري مكتوب عليه بعض الحروف التي اهترئتها العوامل الجويه

الشمس تسقط على عينه يحاول اغماضها قليلا الطقس اليوم لا يطاق ..ماهذا؟؟ أظنه قد وجد شيئا ..يركض نحوه ويناديا ..رامي؟؟؟ يتوقف الشخص متلفتا من ينادي عليه وكأنه لم يجد شيئا فقد نسي تفاصيل وجهه..فيناديه ثانية رامي ها اناالا تتذكرني؟؟.. فيعاود البصر نعم نعم تذكرتك اسف جدا اخي فقد مر وقتا طويلا منذ لقائنا الاول والذي لم يستمر سوى سويعات قليله ..فيرد..لا عليك..كيف حالك واخبار الدراسه؟ والله يا اخي الظروف متعثره ولكن الحمدلله على كل حال.....نعم الحمدلله...فإن الله عنده كل شئ بمقدار ..فلا نستاء اظنك قد تغيرت نوعاما...نعم فانا اعمل منذ فتره قصيره وفي العمل قد تغيرت كثيرا واكتشفت ان في الدنيا بعض المصاعب وحمدت ربي انني مازلت في التعليم بعض الوقت قبل خروجي (للبهدله دي)...لا عليك فهذه الامور واجهتنا جميعا وعلينا ان نتحمل..بالفعل جزاك الله خيرا على النصيجه ..جزانا وإياكم..يترك المكان مبتعدا في سيره يتحدثون حتى ينصرف رامي ثم يعاود الجلوس على المقعده وهو ينظر بشكل يغلفه الخجل والحرج متأسفا على الوقت الذي استهلكه فهذا الوقت ليس من حقه وحده يتأسف كثيرا يري ورده صغيره فأراد ان يذهب ويقطعها ويهديها اياه ولكنه تذكر انها تغضب كثيرا عند قطع الزهور..فلم يتحرك وظل ساكنااا يفكر....ماذا أفعل كي يعيرعن اسفه....اه تذكر رساله على التليفون المحمول كان قد أرسلها من قبل لها....
يبحث طويلا..يارب اين قد اختبأت.. ها هي ..
غمض عينيك و ارقص بخفه..خفه و دلع
الدنيا هيه.. هيه الشابة و انت.. انت الجدع
تشوف رشاقة خطوتك تعبدك....بدك ..بدك..بدك
لكن انت لو بصيت لرجليك تـقع ..اقع..اقع..اقع
عجبى...
فابتسم حين وصل لردها على الرساله.......وانت ..نت ..نت ..نت...الجدع..جدع..دع..دع..؟؟؟؟ وكأن هذا الرد قد أرسل لتوه

بخيم الصمت على المكان فقد مرت لحظات الظهيره بسلام وبدا المكان وكأنه يخلو من الأشخاص..وهو لم يتحدث في اي شئ

الهاتف يرن.....ايوا يا هاني قول عايز ايه...والله بدون مقاطعه يا باشا لما ترجع يعني..ماتنساش تاخد تاكسي ضروري على عمك اصله تعبان ونفسه يشوفك...اه انا روحت على العماره و طلعتلك العربيه من الجراج وفهمت السايس انك هاتيجي بالتاكسي وتاخدها ..انا شايف ان الوقت أزف ولازم تروح ولا انت شايف ايه ياباشا...انا شايف ان الكريدت بتاعك خلص ..ايوا ياباشا..قول كده.. شكلها ماشيه معاك وعايز تنفضلي....هي مين اللي ماشيه...ماقصدش يعني..بس واضح انك مرتاح كده....ممكن تنقطني بسكاتك ..وماله ياباشا...احلى سلام للصم والبكم..يالله..ثم يستتبع ..هو انتم مابتتكلمووو..؟؟؟؟

قد أغلق الموبيل في وجهه وكأن هذا اليوم أصبح يوما شاقا وصدف غير سعيده وتعارفات ثقيله حتى شعر أنه أصبح ثقيلا على المكان وعلى الناس حوله ..حتى انهم هموا بالانصراف ...حتى ظله لم يعد يفترش المكان كما كان يراه ومن شعور بالاسف الى شعور بالاسف ولا يدرى ماذا سيقول في كل مره..
يتوقع ان يكون اللقاء القادم أفضل حالا
توقف قليلا نظر حوله حفظ اللحظه تماما نظر الى الورده التي كاد ان يقطفها وامتنع...قائلا يوما ما..سيقطفك غيري فغيري يدرك جيدا كيف يستثمر لحظاته..يسير ناحية الدرجات التي صعدوا عليها اخر مره ..ويتمتم قائلا قد اختبأتي مني هناك فوق هذا الدرج والان انتظرك تقبلين عليا ..ثم يسير الى أن يصل الى بوابة المكان غير منتبه لبطاقته التي تركها للحارس....يا استاذ يا استاذ..نعم اي خدمه ...بطاقتك التي تركتها معي ومبروك النجاح...نجاح ماذا..قريبك الذي تبحث له عن النتيجه ..مش نجح بردو..يبتسم الرجل...اه فهمت..الله يبارك فيك ارجو بعد ذلك ان تدخلني المكان دون سؤالي او سحب بطاقتي...لا ماتخافش يا استاذ انت نورتنا ..ده بنورك ياحج ..ويخرج من جيبه بعض الجنيهات الورقيه.. وما ان وصل الى رصيف الشارع..حتى وجد تاكسيا يقف وكأنه ينتظره....!!!

تاكسي ياباشا.... يركب دون أن يتكلم كثيرا....يهم السائق بالانصراف ..بينما الرجل عيناه تظل ترقب المكان وتحفظ اشجاره ورماله وجدرانه...حتى ازعجه صوت السائق حينما قال...سمعت بقى ياباشا عن الأرض اللي اشترتتها غزه....يسكت لايتكلم..بيقولوا الارض دي خلصوها من اسرائيل بالعافيه....السكوت صفه اساسية والتوهان يغلف عيناه....بس الحمدلله كده غزه هاتعيش بعيد عن اسرائيل ويوروني بقى هايوصلوا للقمر ازاي...قمر وغزه واسرائيل..ياربي انت تاني....طبعا ياباشا انت ماعرفتنيش ولاايه.....لا لا ابدا انا كنت سارح شويه... والله ياباشا انت حالك صعبان عليا..... بس صدقني كلنا كنا كده لغايت ماعرفنا ان مافيش فايده...ازاي يعني وضح ياريس ...زمان علمونا الحب في الافلام...لانهم ماكنوش قادرين يحبوا في الواقع..ودلوقتي احنا بنحاول نحقق نظرياتهم بس للاسف اغلبيتها فاشله
الفيلم الوحيد اللي نجح البكاء على الأطلال.....والقاهره 30...إنت مش شايف انه بعيد شويه الفيلم ده ياسطى..بعيد ايه بس ياباشا ده احنا اخترعنا الصاروخ..نص ساعه بالظبط ونكون في مطار ابوظبي...أبوظبي!!! اه انت ماسمعتش عنه...لا والله يا اخ..اقلك المطار ده اتعمل جنب القريه الذكيه...علشان الناس تصدق ان في لمح البصر يقدروا يوصلوا لابوظبي ويكلموا الناس اللي فيها ويصدقوا ان العالم بقى قريه عايزين يضحكوا علينا ياباشا .. اه صح...سمعت من كام يوم ياباشا عن ان الكابل بتاع النت اتقطع..عرفوا يلحمه بقى ولا ايه اكيد طبعا ياباشا الحاجات دي مش زي فردة الكاوتش..هو ده كابل ولا ماسوره.. ماسوره!! ليه قلت كده ياريس .. ما اصل بيقولوا تحت البحر معقول هايوصلوا كهربا تحت البحر...لا احب اصححلك المعلومه ده فعلا كبل ..اهو ده كلام الصحافه دايما يضللونا مش عايزين يضربوا السباحه.....سباحه !! ..سباحة ايه...شكلك هاتتعبني ياباشا انت قلتلي ان بقالك كتير بعيد عن مصر..بصراحه قبل ما اشوفك كنت فاكر انها سنه لكن بعد ماقبلتك عرفت ان كنت سايب مصر من زمان...
يبقى انت ماعرفتش اللي حصل في العتبه......اه على فكره قبل ماكملك الحكايه الواد السايس اتصل بيا وقلي العربيه مش دايره تحب نطلع على بيت عمك..........وماله ياريس هاني اطلع على العجوزه
الله يرحمها بقى ياباشا!!!





هناك تعليقان (2):

r يقول...

طيب وليه فقد ظله
هل تقصد انه بتغير اللى متعودين عليه بنغير جلدنا مثلا والحاجات الملاصقه بينا زى الظل
طبيعى اننا عايشين فيها وتقريبا كل حاجه بتتغير حوالينا فالمغترب اكتر غربه ولونه اكتر انتماء يمكن علشان الحنين والصوره الحلوه اللى بتفضل مرسومه للمكان البعيد عنا
القصه جميله بس فيها حاجات الصراحه ما فهمتها-- تفاصيل يعنى--
سلمت
وكل سنه وانت بخير
رمضان كريم

MoHaMeD - AmEeN - Al.MaSrY يقول...

يمكن تجربه لكتابة قصه...
الرجل ذهب الى مكان محبب له ..له فيه ذكريات يتخيل ظله انه هو الانيس الذي حفر نفسه في ذاكرة هذا المكان

وهو ده كل صلته بالبلد دي....بفكر أكملها ..ربنا يسهل
شرفني مرورك